تمهيد
منذ أن نجحت ثورات الربيع العربي في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية الفاشلة و نحن معشر من ثرنا على هذه الأنظمة نتلمس طريق بناء الدولة الجديدة دولة الحرية و العدل و القانون و الازدهار والرفاه. ها هي قد مضت عشر سنوات على انطلاقة الربيع العربي و لازلنا نتخبط و نتلمس طريق بناء السلام و الاستقرار وصولا الى الوطن و الدولة المنشودة. من خلال قيادتي لبرنامج بناء الذي حظي برعاية ودعم مؤسسات دولية على رأسها البنك الإسلامي للتنمية و مركز الاحصاء و البحوث الاقتصادية و الاجتماعية والتدريب لمنظمة التعاون الإسلامي و البرنامج الليبي للإدماج والتنمية و غيرها من الشركاء الذين يصعب حصرهم و من أهمهم مؤسسة سبارك الهولندية و مركز سيتا للأبحاث وغيرهما عمل برنامج بناء خلال الثلاث سنوات الماضية على دعم الدول الهشة و المتعرضة للأزمات و مجتمعاتها وتحديداً فئة الشباب. برنامج بناء أخذ على عاتقه وضع رؤى و خطط لبناء الدول الهشة من خلال مشروع البحوث و بناء قدرات و كوادر شباب هذه الدول من خلال مشروع بناء القدرات والتمكين الاقتصادي من خلال حاضنة بناء. بحوثنا ركزت على بناء الدولة و مؤسساتها حيث أنجزنا خمسة بحوث هامة عن:
- اعادة بناء القطاع الأمني في ليبيا.
- مكافحة التطرف العنيف في ليبيا.
- اعادة بناء و اصلاح القطاع الحكومي في ليبيا.
- التحديات و الفرص للمشروعات الصغيرة في الصومال.
- دليل بناء الأوطان.
تمت جميع هذه البحوث والدراسات عن طريق بحاث و فرق عمل دولية و محلية شملت أعداد كبيرة من الخبراء و المختصين و الإداريين في مجالات البحوث. دليل بناء الأوطان استفاد من هذه البحوث وما طرحته من تقييم للمؤسسات وكيفية اعادة بنائها و إصلاحها. كما أن الدليل تميز بطرح فكري شامل يعتمد على مخطط ذهني أشبه برحلة أو خارطة طريق فكرية للانتقال من مرحلة الصراع و الفوضى و الثورات المسلحة إلى مرحلة بناء السلام الإيجابي ثم مرحلة بناء المؤسسات وصولا الى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 17 التي وضعتها الأمم المتحدة واعتبرت تحقيقها يضمن الازدهار و الرفاه. الدليل يعرض هذه الخارطة الذهنية فلسفيا و فكريا بالاستنارة بالتجارب التي خاضتها العديد من المجتمعات والدول وكذلك أفضل الممارسات والمعايير الدولية. طامحين أن ننقل هذه الأفكار والخارطة الذهنية لشبابنا الطامح في بناء دولة الحرية و العدل والمؤسسات القوية و الازدهار.
نسعى أن يتحول هذا الدليل الى منهج فكري و تدريبي لتوعية الشباب وتدريبهم حول كيفية الانتقال من الصراع الى بناء الدولة. آملين أن ننجح في المساهمة في تطوير جيل يحقق حلم بناء دولة الحرية و العدل و الرفاه الذي ضحت من أجله شعوبنا و قدمت فلذات أكبادها من أجل تحقيقه.
في الختام لابد من شكر كل من ساهم في تحقيق هذا الإنجاز سواء من الجهات الداعمة لبرنامج بناء وحاضنة بناء التي احتضنت فريق العمل منذ أول يوم أو فريق العمل من الشباب الذين ساهموا في كتابة المحتوى و تحقيقه و تصميمه و على رأسهم د. نزار كريكش الذي كان على عاتقه صياغة المحتوى وتأليفه. أملين أن يكون لهذا الكتاب وما ينتج عنه من منهج تدريبي و برامج تدريبية للشباب الأثر الإيجابي في بناء دولة الحرية والعدل والازدهار المنشودة.